تقرير أممي: القمع في بيلاروس يتصاعد والانتخابات الأخيرة «فاقدة الشرعية»

خلال الدورة 59 لمجلس حقوق الإنسان والتي تستمر حتى 9 يوليو المقبل

تقرير أممي: القمع في بيلاروس يتصاعد والانتخابات الأخيرة «فاقدة الشرعية»
علم دولة بيلاروس- أرشيف

في ظل حملة قمع ممنهجة على الحريات الأساسية، أعيد انتخاب الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو لولاية سابعة في 26 يناير 2025، في انتخابات وصفها تقرير أممي بأنها «فاقدة للمشروعية الديمقراطية».

وبحسب تقرير المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في بيلاروس، نيلس موزنيكس، والمقدم إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال دورته الـ59 المنعقدة حالياً حتى 9 يوليو المقبل، والذي اطلع «جسور بوست» على نسخة منه، فإن بيلاروس لا تزال تغرق في دوامة من القمع السياسي المنهجي، خاصة منذ الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2020.

وأكد التقرير أن الانتخابات الأخيرة جرت في بيئة يسيطر عليها "خوف جماعي"، وسط قمع واسع النطاق لحرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات. وأضاف أن السلطات تواصل استخدام تشريعات "مكافحة الإرهاب والتطرف" كذريعة لسجن المعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين، بل وحتى معاقبة عائلاتهم.

وتحدث التقرير عن استمرار حملة قمع عابر للحدود، إذ يخضع معارضون فرّوا من البلاد لمحاكمات غيابية تفتقر لأدنى ضمانات المحاكمة العادلة، إلى جانب مصادرة ممتلكاتهم داخل بيلاروس.

وأعرب موزنيكس عن قلق بالغ حيال الأوضاع داخل السجون والمعتقلات، مشيراً إلى تقارير موثقة عن سوء معاملة متعمد للسجناء، خاصة أولئك المدانين بتهم ذات دوافع سياسية. وتشمل الانتهاكات: الحبس الانفرادي المطول، الحرمان من الرعاية الطبية، العزل التام، والتحريض على العنف داخل السجون، إضافة إلى العمل القسري وسوء المعاملة النفسية.

وأشار التقرير إلى أن سوء المعاملة لا يستثني النساء أو القُصّر، الذين يُحتجزون في ظروف مشابهة، بما في ذلك في زنازين عقابية.

ومنذ 2020 وحتى نهاية 2024، سُجلت أكثر من 6550 إدانة جنائية بتهم تعتبر ذات دوافع سياسية، من بينها أكثر من 1700 حالة في عام 2024 وحده. كما رُصدت 5890 محاكمة ذات طابع سياسي بتهم إدارية، إضافة إلى ملاحقة عشرات القُصّر، بعضهم لم يتجاوز 14 عاماً.

وفي ما يخص الصحافة، احتلت بيلاروس المرتبة 167 من أصل 180 في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2024، بتراجع 13 مرتبة عن العام السابق. وسُجل اعتقال 27 إعلامياً، ووُجهت تهماً جنائية لبعضهم، بينما لا يزال 39 صحفياً خلف القضبان حتى يناير 2025.

ورغم صدور عفو رئاسي وقانوني أفضى إلى الإفراج عن أكثر من 200 سجين سياسي، فإن التقرير اعتبره إجراءً تجميلياً، إذ إن أغلب المفرج عنهم كانوا يقضون أحكاماً قصيرة أو اقتربوا من نهاية مدة عقوبتهم.

وكشف التقرير عن أن السلطات أجبرت بعض المفرج عنهم على التعاون مع أجهزة الأمن، وتوقيع تعهدات، بل وتصوير مقاطع فيديو دعائية. ولفت إلى دور بعض التحركات الدبلوماسية الغربية –خاصة من الولايات المتحدة– في تأمين الإفراج عن بعض المعتقلين، ضمن ما يشبه صفقات تبادل تسعى من خلالها بيلاروس إلى تخفيف عزلتها الدولية.

وفي تطور خطير، وثق التقرير نقل 33 شخصاً، بينهم مسنون، إلى مؤسسات علاج نفسي قسري بسبب إدانتهم بتهم سياسية مثل «إهانة الرئيس» أو «المشاركة في احتجاجات».. وبين أن هؤلاء يحتجزون دون مدة محددة، ولا يحق لهم الاستفادة من العفو أو الإفراج المشروط، وتُجرى محاكماتهم خلف أبواب مغلقة.

وسلط التقرير الضوء على تصعيد «غير مسبوق» ضد أفراد مجتمع الميم الموسع، حيث جرى احتجاز 32 شخصاً في مدن متفرقة خلال ثلاثة أشهر فقط، بتهم «نشر محتوى إباحي» لمجرد نشر صورهم وهم بكامل ملابسهم. وأُبلغ عن حالات تهديد واعتقال لآباء وأمهات أفراد من المجتمع في المنفى.

ووفق التقرير، فإن المرسوم الصادر في مارس 2024 من وزارة الثقافة، وسّع تعريف «المواد الإباحية» ليشمل «السلوك الجنسي غير التقليدي»، في محاولة لشرعنة حملة القمع ضد المثليين والمتحولين جنسيا.

ورغم الإفراج المحدود عن بعض السجناء، خلص المقرر الخاص إلى أنه لا توجد أي مؤشرات على تحسن الحالة العامة للحقوق المدنية والسياسية في بيلاروس، مؤكداً أن البلاد لا تزال تعيش في ظل دولة بوليسية تستخدم القانون كأداة للترهيب والتصفية السياسية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية